الأحد، 9 مارس 2014

العرق دسّاس


عاش رجلٌ وزوجته في إحدى القرى محرومين من نعمة الأولاد إذ كان الزوج عقيماً لا يُنجب .. نظر إلى زوجته ذات صباحٍ وقال لها: " العمر يمضي وليس لنا من وريث يحفظ مالنا ويرعانا عند كبرنا .. وإنّي أرى أن تذهبي فتتبضعني لعلّنا نرزق بولدٍ يملأ علينا بيتنا " .. أجابت الزوجة بالإيجاب فلكم كانت تتوقُ إلى كلمة " أمي " .. وفعلت كما طلب منها زوجها .. ولم تكد تمرُّ تسعة أشهر حتى رزقا بما كان يتمنيّان.

مضى عامان وكبر الولد .. وتاق الزوجان لثانٍ يكون أزراً وعوناً لأخيه عند الكبر .. فقرّرا أن تتبضّع الزوجة كما المرّة الماضية .. وبالفعل رزقا بطفلٍ ثانٍ .. ثمّ أعادت الزوجة الكرّة مرتين بعد ذلك بسنين قليلة فأصبح لديهما أربعة أولاد.

مضت السنين وشبّ الأولاد .. وبينما كانوا يتسامرون مع والدهم ذات مساءٍ طلب منهم أن ينشده كلُّ واحدٍ منهم بيتاً من الشعر - اختباراً لهم ليعلم كنههم .. فأنشده الأول:
يا ميحلا بالشمس يبدا شعقهي .. طخّ الافرنجي من ورا سروح بِدوان
(الشرح:
- يا ميحلا بالشمس: ما أجمل الشمس!
- يبدا شعقهي: أي يظهر نورها .. والشعق والشعاق هو النور والضياء
- الافرنجي: يقصد البندقيّة
- سروح بدوان: يقصد رعاة الشاء

المعنى العام:
- ما أجمل أن بدء النهار بالنهب من الرعاة)

فقال الأب في نفسه: " إذاً فهذا ابن لصّ وقاطع طريق " .. ثم أنشد الثاني:
يا ميحلا بالشمس يبدا شعقهي .. فرد المناسف فوقها اذناب خرفان
(الشرح:
- المناسف: جمع المنسف .. وهو اسم لنوع من الطعام

المعنى العام:
- ما أجمل بدء النهار بتقديم المناسف المغطاة باللحم للأضياف)

فقال الأب في نفسه: " إذاً فهذا ابن شيخ قبيلة " .. ثم أنشد الثالث:
يا ميحلا بالشمس يبدا شعقهي .. قرطة يمينك من ورا صُلب غويان
(الشرح:
- قرطة يمينك: القرط هو الرمي .. أي أن تلقي بيدك اليمنى
- صُلب: ظهر
- غويان: غاوية أي حسناء

المعنى العام:
- ما أجمل بدء النهار باحتضان فتاةٍ حسناء)

فقال الأب في نفسه: " إذاً فهذا ابن زير نساء " .. ثم أنشد الأخير:
يا ميحلا بالشمس يبدا شعقهي .. عجّ المويلي من ورا جوز فدّان
(الشرح:
- عجّ المويلي: أي الشروع بغناء الموّال
- جوز فدّان: أي زوج من الثيران

المعنى العام:
- ما أجمل بدء النهار بغناء المواويل أثناء حرث الأرض)

فقال الأب في نفسه: " إذاً فهذا ابن فلاّح ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق