الأربعاء، 24 يوليو 2013

قراءة في قصة أصحاب السبت


قراءة في قصة أصحاب السبت:

   يقول تعالى: (وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)

هي قرية يهودية على ساحل البحر, كان في شرعتهم حرمة الصيد في السبت, وكانت الأسماك تظهر لهم في يوم سبتهم وتختفي في غيره ابتلاءً من الله واختباراً, فاحتالت طائفة منهم لصيد السمك في يوم سبتهم المحرم عليهم الصيد فيه ظلماً منهم وعدواناً, وانبرت لهم طائفة بالنصح والإرشاد, وطائفة ثالثة لم تشاركهم جرمهم ولم تنههم عنه قد أخذت موقف الحياد.


إذاً فنحن هنا أمام ثلاث فرق: فرقة اعتدت وأجرمت, وفرقة نهت وأنكرت, وفرقة سكتت ولم تعتدِ وإنما عابت على الفرقة الناصحة نصحها بقولها: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا), فتردّ عليها الفرقة الناصحة بقولها:(مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)


وعليه فهم ثلاث فرق: فريق الباطل وفريق الحق  وفريق وقف على الحياد, فأما فريق الباطل الذين اعتدوا و (نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ) فكان جزاؤهم أن (أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ), وأما فريق الحق (الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ) فكان جزاؤهم أن (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ), وأما الفرقة الثالثة التي لم تشترك في الجرم ولكنها سكتت عن الحق ورغبت عن النصح فقد كان جزاؤها أن سكت عنها القرآن فلم يبين لنا مصيرها تهويناً لشأنها فهي فرقة آثرت السكوت على النصح فاستحقت الإهمال والإغفال وإن لم تستحق الأخذ والعذاب.


وهكذا نجد أن الآيات قد نصت صراحةً على نجاة الناهين الناصحين وهلاك الظالمين المعتدين وسكتت عن الساكتين، مقابلةً لكل فرقةٍ بعملها فكان الجزاء من جنس العمل, فالساكتون لم ينصحوا فيمدحوا، ولا أجرموا فيذموا.والمتأمل في قصة أصحاب السبت يخرج بعبرةٍ مفادها أنه لا حياد في صراعٍ بين الحقّ والباطل, فإما أن تكون جندياً في صفّ الحق ذابّاً ومدافعاً عنه, وإما أن تكون جندياً تحت لواء الباطل مقاتلاً في صفّه ومدافعاً عنه, وأما الحياد السلبيّ فليس إلاّ سكوتٌ عن الحقّ وإعراضٌ عنه, لا يفضي إلاّ إلى نصرة الباطل ولو من غير قصد أو نيّة.