حدَّثنا رحَّالُ بن مهاجرٍ، قال: مررتُ بمروٍ في طريقِ عودتي من سمرقندَ وقد هدَّني الجوعُ وبلغَ منِّي العطشُ أيَّ مبلغ، فما استضافني أحدٌ منهم ولا أكرمَ وِفادتي! وصادفتُ فيها أبخلَ بن شَحيحٍ المروزيّ، فجلستُ إليه أحادثُه - على غير زادٍ ولا ماءٍ - وأسردُ له من أخبارِ سَفْرتي، حتّى أتيتُ على ذكرِ العطورِ والروائح، فسألته عن أيُّها يفضِّل، فقال: " رائحة الشواء "، ثُمَّ أخذنا الحديثُ إلى أخبار المغنِّينَ والمطربين، فراودَني الفضولُ لمعرفةِ اللحنِ الذي يطربُه سماعَهُ، فسألتُه: " أيُّ الأصواتِ تحبُّ؟ "، فأجاب: " صوتُ رنينِ الدراهم "، فما أنْ سمعتُ جوابَه حتَّى نهضتُ من فوري آيِساً من قِراهُ ونافراً من جفاهُ، وترّحلتُ - من توِّي - عن مروٍ وأنا ألعنُ المدينةَ وأسبُّها وأهلَها، وأقول: " قُبِّحتِ من مدينةٍ وقُبِّح زائرُك، أتيتُك في شرِّ حالٍ وغادرتُك بحالٍ أشرَّ منه! ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق